أردت أن اكتب لكم قصة لفتت انتباهي بما فيها من معاني جميلة "
تبدأ القصة ؛
كان يمشي رافعا رأسه لى أعلى يتأمل في السماء،اعترضت طريقه حصى كادت توقعه فركلها بعصبية، ثم نفخ بقهر، وأخذ يتمتم بحيرة:
- زرقاء هل هي زرقاء ؟!...
رفع رأسه مرة أخرى الى السماء ثم صاح : لقد وبختني المعلمة ورفضت أن تأخذ رسمتي , اني لا أرى جيدآ !!!
أنزل حقيبته من على ظهره ثم أخرج رسمته وأخذ يقارن , يرفع رأسه الى السماء تارة و ينزلها الى السماء تارة ويصيح مستنكرآ :
- اذا كانت زرقاء فلماذا أراها في شارعنا رمادية تميل الى السواد في حين أن المعلمة تراها زرقاء !!
شدت المعلمة أذنه اليسرى حتى بكى من الألم , ثم تركته وقالت مهددة :
اذا لم تجب بشكل جيد سوف أشد أذنك اليمنى .
وضع يده على أذنه و باليد الأخرى أخذ يسمح دموعه و يقول بصوت قطعه البكاء :
- ولكن هذه هي أحد ... الأصوات التي أسمعها عندما أستيقظ من النوم .
قالت المعلمة بحدة : عندما أشد أذنك الأخرى سوف تسمع جيدآ .خرج من الفصل بعد انتهاء الوقت متوجها الى بيته , يقف بين الفينة و الفينة يصيخ السمع الى - ماتقوله المعلمة – شدو العاصفير , فلا يسمع الا اصواتا تشبه صوت الرعد و صياحا و بكاء .
مازالت أذنه اليسرى تؤلمه فبكى , تذكر كلمات معلمته " عندما أشد أذنك الأخرى سوف تسمع جيدآ " و تبادرت فكره الى ذهنه , مسح دموعه بسرعة ثم ركض عائدآ الى المدرسة لعله يسمع شدو العاصفير عندما تشد معلمته أذنه الأخرى .
صرخت المعلمة في وجهه : ماهي مهنه والدك ؟!.
سألته مرة أخرى بحنق :
قال بصوت خافت يكاد أن يكون همسآ :
يجع الحجارة .
ألا توجد مهنه غيرها .
- مامعنى يجمع الحجارة ؟؟ هل هو بناء؟؟
هز رأسه نفيا ؟.
- اذن ما هو ؟؟ ماذا يفعل بالحجارة ؟؟
قال بصوت ملغم بالبكاء , يرميها .
حاول أن يعتصر ذهنه و يستنجد به لعله يتذكر كان أبوه يزاولها , وبعد جهد جهيد , تذكر شيئا فصفق فرحا وهتف عاليا وقال :
- بلى , انه يصرخ .
اتسعت عينا المعلمة باستنكار و قالت :
أجاب مفتخرا بمهنه أبيه :
نعم يصرخ يقول الله أكبر ...
الله أكبر , لعنة الله على اليهود ...
قال لابنة جيرانه التي لم تدخل المدرسة بعد :
- أنا اكره المدرسة ...
سألته مندهشة : لماذا ؟!...
أجاب مستنكرا :
- أنها تعلمنا أشياء غريبة .
ثم أخذ يعد على أصابعه , السماء زرقاء ! نستيقظ على شدو العاصفير , لا تعتبر أن لأبي مهنه !
كانت جارته تنظر اليه بعدم اقتناع و عندما أحس بذلك .. المدرسة مكان مخيف , لا تذهبي اليه .
سألته بخوف : لماذا ؟!...
أجاب بحماس ليدعم كلامه ..
- لأن أمي و اخواتي يبكون كل صباح عندما أستعد للذهاب اليها , و يقبلوني و يعانقوني كأني لن أرجع اليهم مره ثانية .
صمت برهة ثم فكر, ثم أجاب بشرود :
- لا أدري كل الذي أعرفه أنها مكان مخيف وأنه سوف يأتي يوم لن أعود منها الى البيت .
كاد يطرد فرحا عندما قال له والده :
- سوف آخذك معي غدا الى صلاة العيد في الأقصى .
أسرع الى أمه يستعجلها في رتق بنطاله حتى يلبسه صباح العيد ...
خرج من البيت فرأى ابنة جيرانه تجمع الحجارة . سألها :
- ماذا تفعلين ؟!..
أجابت بسعادة غدا العيد ..
- نعم , ولكن لماذا تجمعين الحجارة !!
وقفت رافعة رأسها بشموخ و قالت :
- يجب أن أفعل شيئا عظيما يوم العيد , قال لي أبي أني اذا جمعت أكبر عدد من الحجارة له و لأخواني فاني بذلك قمت بعمل عظيم .
قال و قد نهشت الغيرة قلبه :
- سوف أقوم بعمل أعظم من عملك , غدا سأصلي في الأقصى .
- لم تلفت اليه فقد كانت مشغولة بجمع الحجارة فانحنى أسرعت اليه قبل أن يمشي مع الرجال الى المسجد ودست في جيبه حصى , قال متعجبا : أنا ذاهب أصلي .
قالت وهي تشير الى الرجال : كلهم فعلوا ذلك .
ابتسم لها ثم جرى ليلحق بأبيه .. سمع أحدهم يهمس في أذن والده لماذا تأخذه معك انه صغير .
فاستشاط غضبا وقال : أنا لست صغيرا .. انظر ..
اخرج من جيبه الحصى ثم ردها مرة أخرى .. فضحك والده وقال :
- نعم يا ولدي أنت لست صغيرا ...
تفرق الناس بعد خروجهم من المسجد و علت الصيحات و الهتافات " الله أكبر , الله أكبر ".
نظر حوله فلم يجد والده و عرف بغريزته أنه قد ضاع في هذه الجموع و أنه لا وقت ليبحث عن والده .
رأى فتيه يركضون , ركض معهم , عزم على ألا يفارقهم , رآهم يختبئون وراء براميل معدنية و يلقون الحجارة من ورائها فتصب ما شاء الله نصيب .
اقترب منهم وأخرج من جيبه الحصى ووضعها بقربهم ثم التفت يجمع لهم ما يتسنى له جمعه من الحجارة و الحديد ..
تذكر في اللحظة ابنة جيرانه فشعر بزهو , لقد قام بعملين عظيمين في يوم العيد .
خلع قميصه و فرشه على الأرض , وأخذ يجمع الحجارة فيه , ثم جمع أطرافه حتى جعله كالصرة , أخذ يركض الى الفتيان و يلقي بين أيديهم ما جمعه , ثم يعود مرة أخرى يتنقل من مكان لآخر , يجمع ما يجده من الحجارة , و عندما عاد اليهم في المرة الأخيرة , لم يجد أحدا منهم , استغرب , التفت حوله يبحث عنهم بين تلك الجموع الكبيرة .
تقدم من البراميل لعله يجد اثرا عليهم , رأى دماء على الأرض , رفع نظره الى البراميل فوجد فيها ثقوبا عديدة و كبيرة رفع نظره أكثر فوجد أمامه يهودي يصوب رصاصة تجاهه و في غمضة عين اندفع الى الوراء بقوة و سقط على ظهره أحس بألم شديد وشعر بأنه مبتل .
و دماء تسيل حتى وصلت الى بنطاله المرتق فعرف ما معنى الموت , رفع عينه الى السماء يتحاشى منظر الدماء و الموت فابتسم و أخذ يصرخ بوهن و يشير الى الأعلى :
- أيتها المعلمة .. أيتها المعلمة .. تعالي انظري الى السماء أليست رمادية ؟؟ ؟؟ ؟؟
هاناموتانا
عدد المساهمات: 20
تاريخ التسجيل: 06/02/2009